فصل: والصنف الثاني من الأصناف الثلاثة التي ذكرنا بأن الشيعة يجمعها ثلاثة أصناف وهم الرافضة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين **


  مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي العزة والأفضال والجود والنوال أحمده على ما خص وعم من نعمه وأستعينه على أداء فرائضه وأسأله الصلاة على خاتم رسله‏.‏

أما بعد فإنه لا بد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها من معرفة المذاهب والمقالات ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات ويصنفون في النحل والديانات من بين مقصر فيما يحكيه وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه ومن بين معتمد للكذب في الحكاية إرادة التشنيع على من يخالفه ومن بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به وليس هذا سبيل الربانيين ولا سبيل الفطناء المميزين فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من أمر المقالات واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار وأنا مبتدئ شرح ذلك بعون الله وقوته‏.‏

اختلف الناس بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضاً وبرئ بعضهم من بعض فصاروا فرقاً متباينين وأحزاباً متشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم‏.‏

وأول ما حدث من الاختلاف بين المسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم اختلافهم في الإمامة كانوا فيما نقموا عليه من ذلك مخطئين وعن سنن المحجة خارجين فصار ما أنكروه عليه اختلافاً إلى اليوم ثم قتل رضوان الله عليه وكانوا في قتله مختلفين فأما أهل السنة والاستقامة فإنهم قالوا‏:‏ كان رضوان الله عليه مصيباً في أفعاله قتله قاتلوه ظلماً وعدواناً وقال قائلون بخلاف ذلك وهذا اختلاف بين الناس إلى اليوم‏.‏

ثم بويع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فاختلف الناس في أمره فمن بين منكر لإمامته ومن بين قاعد عنه ومن بين قائل بإمامته معتقد لخلافته وهذا اختلاف بين الناس إلى اليوم‏.‏

ثم حدث الاختلاف في أيام علي في أمر طلحة والزبير رضوان الله عليهما وحربهما إياه وفي قتال معاوية إياه وصار علي ومعاوية إلى صفين وقاتله علي حتى انكسرت سيوف الفريقين ونصلت رماحهم وذهبت قواهم وجثوا على الركب فوهم بعضهم على بعض فقال معاوية لعمرو بن العاص‏:‏ يا عمرو ألم تزعم أنك لم تقع في أمر فظيع فأردت الخروج منه إلا خرجت قال‏:‏ بلى قال‏:‏ فما المخرج مما نزل قال له عمرو بن العاص‏:‏ فلي عليك أن لا تخرج مصر من يدي ما بقيت قال‏:‏ لك ذلك ولك به عهد الله وميثاقه قال‏:‏ فأمر بالمصاحف فترفع ثم يقول أهل الشام لأهل العراق‏:‏ يا أهل العراق كتاب الله بيننا وبينكم البقية البقية فإنه إن أجابك إلى ما تريده خالفه أصحابه وإن خالفك خالفه أصحابه وكان عمرو بن العاص في رأيه الذي أشار به كأنه ينظر إلى الغيب من وراء حجاب رقيق فأمر معاوية أصحابه برفع المصاحف وبما أشار به عليه عمرو بن العاص ففعلوا ذلك فاضطرب أهل العراق على علي رضوان الله عليه وأبوا عليه إلا التحكيم وأن يبعث علي حكماً ويبعث معاوية حكماُ فأجابهم علي إلى ذلك بعد امتناع أهل العراق عليه أن لا يجيبهم إليه فلما أجاب علي إلى ذلك وبعث معاوية وأهل الشام عمرو بن العاص حكماً وبعث علي وأهل العراق أبا موسى حكماً وأخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق اختلف أصحاب علي عليه وقالوا‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ‏"‏ ولم يقل حاكموهم وهم البغاة فإن عدت إلى قتالهم وأقررت على نفسك بالكفر إذ أجبتهم إلى التحكيم وإلا نابذناك وقاتلناك فقال علي رضوان الله عليه‏:‏ قد أبيت عليكم في أول الأمر فأبيتم إلا إجابتهم إلى ما سألوا فأجبناهم وأعطيناهم العهود والمواثيق وليس يسوغ لنا الغدر فأبوا إلا خلعه وإكفاره بالتحكيم وخرجوا عليه فسموا خوارج لأنهم خرجوا على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وصار اختلافاً إلى اليوم وسنذكر أقاويل الخوارج بعد هذا الموضع من كتابنا‏.‏

هذا ذكر الاختلاف اختلف المسلمون عشرة أصناف‏:‏

الشيع والخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية والضرارية

 مقالات الشيع

فالشيع ثلاثة أصناف وإنما قيل لهم الشيعة لأنهم شيعوا علياً رضوان الله عليه ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم

  الغالية

وإنما سموا الغالية لأنهم غلوا في علي وقالوا فيه قولاً عظيماً وهم خمس عشرة فرقة‏:‏

فالفرقة الأولى منهم البيانية

أصحاب بيان بن سمعان التميمي يقولون أن الله عز وجل على صورة الإنسان وأنه يهلك كله إلا وجهه وادعى بيان أنه يدعو الزهرة فتجيبه وأنه يفعل ذلك بالاسم الأعظم فقتله خالد بن عبد الله القسري وحكي عنهم أن كثيراُ منهم يثبت لبيان بن سمعان النبوة ويزعم كثير من البيانية أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية نص على إمامة بيان بن سمعان ونصبه إماماً‏.‏

والفرقة الثانية منهم أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين

يزعمون أن عبد الله بن معاوية كان يدعي أن العلم ينبت في قلبه كما ينبت الكمأة والعشب وأن الأرواح تناسخت وأن روح الله جل اسمه كانت في آدم ثم تناسخت حتى صارت فيه قال‏:‏ وزعم أنه رب وأنه نبي فعبده شيعته وهم يكفرون بالقيامة ويدعون أن الدنيا لا تفنى ويستحلون الميتة والخمر وغيرهما من المحارم ويتأولون قول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا ‏"‏‏.‏

والفرقة الثالثة منهم أصحاب عبد الله بن عمرو بن حرب وهم يسمون الحربية

يزعمون أن روح أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية تحولت فيه وأن أبا هاشم نص على إمامته‏.‏

والفرقة الرابعة منهم المغيرية

أصحاب المغيرة بن سعيد يزعمون أنه كان يقول أنه نبي وأنه يعلم اسم الله الأكبر وأن معبودهم رجل من نور على رأسه تاج وله من الأعضاء والخلق مثل ما للرجل وله جرف وقلب تنبع منه الحكمة وأن حروف أبي جاد على عدد أعضائه قالوا‏:‏ والألف موضع قدمه لاعوجاجها وذكر الهاء فقال‏:‏ لو رأيتم موضعها منه لرأيتم أمراً عظيماً يعرض لهم بالعورة وبأنه قد رآه لعنه الله وزعم أنه يحيي الموتى بالاسم الأعظم وأراهم أشياء من النيرنجات والمخاريق وذكر لهم كيف ابتدأ الله الخلق فزعم أن الله جل اسمه كان وحده لا شيء معه فلما أراد أن يخلق الأشياء تكلم باسمه الأعظم فطار فوقع فوق رأسه التاج قال‏:‏ وذلك قوله‏:‏ ‏"‏ سبح اسم ربك الأعلى ‏"‏ قال‏:‏ ثم كتب بإصبعه على كفه أعمال العباد من المعاصي والطاعات فغضب من المعاصي فعرق فاجتمع من عرقه بحران أحدهما مالح مظلم والآخر نير عذب ثم اطلع في البحر فأبصر ظله فذهب ليأخذه فطار فانتزع عين ظله فخلق منها شمساً ومحق ذلك الظل وقال‏:‏ لا ينبغي أن يكون معي إله غيري ثم خلق الخلق كله من البحرين فخلق الكفار من البحر المالح المظلم وخلق المؤمنين من النير العذب وخلق ظلال الناس فكان أول من خلق منها محمداً صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ وذلك قوله‏:‏ ‏"‏ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ‏"‏ ثم أرسل محمداً إلى الناس كافة وهو ظل ثم عرض على السموات أن يمنعن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فأبين ثم على الأرض والجبال فأبين ثم على الناس كلهم فقام عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فأمره أن يتحمل منعه وأن يغدر به ففعل ذلك أبو بكر وذلك قوله‏:‏ ‏"‏ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ‏"‏ قال‏:‏ وقال عمر‏:‏ أنا أعينك على علي لتجعل لي الخلافة بعدك وذلك قوله‏:‏ ‏"‏ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر ‏"‏ والشيطان عنده عمر وزعم أن الأرض تنشق عن الموتى فيرجعون إلى الدنيا فبلغ خبره خالد بن عبد الله فقتله‏.‏

قال‏:‏ وكان جابر الجعفي من أصحابه وأنزله أصحاب المغيرة بمنزلة المغيرة ومات جابر وادعى وصيته بكر الأعور الهجري القتات فصيروه إماماً وقالوا إنه لا يموت فأكل أموالهم وكان المغيرة يأمرهم بانتظار محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وذكر لهم أن جبريل وميكائيل عليهما السلام يبايعانه بين الركن والمقام ويحيي له سبعة عشر رجلاً يعطى كل رجل منهم كذا وكذا حرفاً من الاسم الأعظم فيهزمون الجيوش ويملكون الأرض فلما خرج محمد وقتل قال بعض أصحاب المغيرة‏:‏ لم يكن الخارج محمد بن عبد الله وإنما كان شيطاناً تمثل في صورته وأن محمداً سيخرج ويملك على ما قال المغيرة وبرئ بعضهم من المغيرة‏.‏

والفرقة الخامسة منهم المنصورية

أصحاب أبي منصور يزعمون أن الإمام بعد أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي أبو منصور وأن أبا منصور قال‏:‏ آل محمد هم السماء والشيعة هم الأرض وأنه هو الكسف الساقط من بني هاشم وأبو منصور هذا رجل من بني عجل وزعم أبو منصور أنه عرج به إلى السماء فمسح معبوده رأسه بيده ثم قال له‏:‏ أي بني اذهب فبلغ عني ثم نزل به إلى الأرض ويمين أصحابه إذا حلفوا أن يقولوا‏:‏ ألا والكلمة وزعم أن عيسى أول من خلق الله من خلقه ثم علي وأن رسل الله سبحانه لا تنقطع أبداً وكفر بالجنة والنار وزعم أن الجنة رجل وأن النار رجل واستحل النساء والمحارم وأحل ذلك لأصحابه وزعم أن الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر والميسر وغير ذلك من المحارم حلال وقال‏:‏ لم يحرم الله ذلك علينا ولا حرم شيئاً تقوى به أنفسنا وإنما هذه الأشياء أسماء رجال حرم الله سبحانه ولا يتهم وتأول في ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ‏"‏ وأسقط الفرائض وقال‏:‏ هي أسماء رجال أوجب الله ولا يتهم واستحل خنق المنافقين وأخذ أموالهم فأخذه‏.‏

والفرقة السادسة منهم الخطابية

أصحاب أبي الخطاب بن أبي زينب وهم خمس فرق كلهم يزعمون أن الأئمة أنبياء محدثون ورسل الله وحججه على خلقه لا يزال منهم رسولان واحد ناطق والآخر صامت فالناطق محمد صلى الله عليه وسلم والصامت علي بن أبي طالب فهم في الأرض اليوم طاعتهم مفترضة على جميع الخلق يعلمون ما كان وما هو كائن وزعموا أن أبا الخطاب نبي وأن أولئك الرسل فرضوا عليهم طاعة أبي الخطاب وقالوا‏:‏ الأيمة آلهة وقالوا‏:‏ ولد الحسين أبناء الله وأحباؤه ثم قالوا ذلك في أنفسهم وتأولوا قول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ‏"‏ قالوا‏:‏ فهم آدم ونحن ولده وعبدوا أبا الخطاب وزعموا أنه إله وزعموا أن جعفر بن محمد إلههم أيضاً إلا أن أبا الخطاب أعظم منه وأعظم من علي وخرج أبو الخطاب على أبي جعفر فقتله عيسى بن موسى في سبخة الكوفة وهم يتدينون بشهادة الزور لموافقيهم‏.‏

والفرقة الثانية من الخطابية وهي الفرقة السابعة من الغالية

يزعمون أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له معمر وعبدوه كما عبدوا أبا الخطاب وزعموا أن الدنيا لا تفنى وأن الجنة ما يصيب الناس من الخير والنعمة والعافية وأن النار ما يصيب الناس من خلاف ذلك وقالوا بالتناسخ وأنهم لا يموتون ولكن يرفعون بأبدانهم إلى الملكوت وتوضع للناس أجساد شبه أجسادهم واستحلوا الخمر والزنا واستحلوا سائر المحرمات ودانوا بترك الصلاة وهم يسمون المعمرية ويقال أنهم يسمون العمومية‏.‏

والفرقة الثالثة من الخطابية وهي الثامنة من الغالية يقال لهم البزيغية

أصحاب بزيغ بن موسى يزعمون أن جعفر بن محمد هو الله وأنه ليس بالذي يرون وأنه تشبه للناس بهذه الصورة وزعموا أن كل ما يحدث في قلوبهم وحي وأن كل مؤمن يوحى إليه وتأولوا في ذلك قول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله ‏"‏ أي بوحي من الله وقوله‏:‏ ‏"‏ وأوحى ربك إلى النحل ‏"‏ و‏:‏ ‏"‏ إذ أوحيت إلى الحواريين ‏"‏ وزعموا أن منهم من هو خير من جبريل وميكائيل ومحمد وزعموا أنه لا يموت منهم أحد وأن أحدهم إذا بلغت عبادته رفع إلى الملكوت وادعوا معاينة أمواتهم وزعموا أنهم يرونهم بكرة وعشية‏.‏

والفرقة الرابعة من الخطابية وهي التاسعة من الغالية يقال لهم العميرية

أصحاب عمير بن بيان العجلي وهذه الفرقة تكذب من قال منهم أنهم لا يموتون ويزعمون أنهم يموتون ولا يزال خلف منهم في الأرض أيمة أنبياء وعبدوا جعفراً كما عبده اليعمريون وزعموا أنه ربهم وقد كانوا ضربوا خيمة في كناسة الكوفة ثم اجتمعوا إلى عبادة جعفر فأخذ يزيد بن عمر بن هبيرة عمير بن البيان فقتله في الكناسة وحبس بعضهم‏.‏

والفرقة الخامسة من الخطابية وهي العاشرة من الغالية يقال لهم المفضلية

لأن رئيسهم كان صيرفياً يقال له المفضل يقولون بربوبية جعفر كما قال غيرهم من أصناف الخطابية وانتحلوا النبوة والرسالة وإنما خالفوا في البراءة من أبي الخطاب لأن جعفراً أظهر البراءة منه فجميع من أخرج الأمر من بني هاشم من الإمامية الذين يقولون بالنص على علي وادعى الأمر لنفسه ستة‏:‏ عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي وبيان بن سمعان التميمي والمغيرة بن سعيد وأبو منصور والحسن بن أبي منصور وأبو الخطاب الأسدي وزعم أبو الخطاب أنه أفضل من بني هاشم‏.‏

وقد قال في عصرنا هذا قائلون بالبهية سلمان الفارسي‏.‏

وفي النساك من الصوفية من يقول بالحلول وأن البارئ يحل في الأشخاص وأنه جائز أن يحل في إنسان وسبع وغير ذلك من الأشخاص وأصحاب هذه المقالة إذا أرادوا شيئاً يستحسنونه قالوا‏:‏ لا ندري لعل الله حال فيه ومالوا إلى اطراح الشرائع وزعموا أن الإنسان ليس عليه فرض ولا يلزمه عبادة إذا وصل إلى معبوده‏.‏

والصنف الحادي عشر من أصناف الغالية يزعمون أن روح القدس هو الله عز وجل

كانت في النبي صلى الله عليه وسلم ثم في علي ثم في الحسن ثم في الحسين ثم في علي بن الحسين ثم في محمد بن علي ثم في جعفر بن محمد بن علي ثم في موسى بن جعفر ثم في علي بن موسى بن جعفر ثم في محمد بن علي بن موسى ثم في علي بن محمد بن علي بن موسى ثم في الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى ثم في محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي وهؤلاء آلهة عندهم كل واحد منهم إله على التناسخ والإله عندهم يدخل في الهياكل‏.‏

والصنف الثاني عشر من أصناف الغالية يزعمون أن علياً هو الله

ويكذبون النبي صلى الله عليه وسلم ويشتمونه ويقولون أن علياً وجه به ليبين أمره فادعى الأمر لنفسه‏.‏

والصنف الثالث عشر من أصناف الغالية هم أصحاب الشريعي

يزعمون أن الله حل في خمسة أشخاص‏:‏ في النبي وفي علي وفي الحسن وفي الحسين وفي فاطمة فهؤلاء آلهة عندهم وليس يطعن أصحاب الشريعي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقولون عنه ما حكيناه عن الصنف الذي ذكرناه قبلهم وقالوا‏:‏ لهذه الأشخاص الخمسة التي حل فيها الإله خمسة أضداد فالأضداد أبو بكر وعمر عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص وافترقوا في الأضداد على مقالتين‏:‏ فزعم بعضهم أن الأضداد محمودة لأنه لا يعرف فضل الأشخاص الخمسة إلا بأضدادها فهي محمودة من هذا الوجه وزعم بعضهم أن الأضداد مذمومة وأنها لا تحمد بحال من الأحوال وحكي أن الشريعي كان يزعم أن البارئ جل جلاله يحل فيه وحكي أن فرقة من الرافضة يقال لهم النميرية أصحاب النميري يقولون أن البارئ كان حالاً في النميري‏.‏

والصنف الرابع عشر من أصناف الغالية وهم السبائية

أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن علياً لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وذكروا عنه أنه قال لعلي عليه السلام‏:‏ أنت أنت والسبائية يقولون بالرجعة وأن الأموات يرجعون إلى الدنيا وكان السيد الحميري يقول برجعة الأموات وفي ذلك يقول‏:‏ إلى يوم يؤب الناس فيه إلى دنياهم قبل الحساب والصنف الخامس عشر من أصناف الغالية يزعمون أن الله عز وجل وكل الأمور وفوضها إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأنه أقدره على خلق الدنيا فخلقها ودبرها وأن الله سبحانه لم يخلق من ذلك شيئاً ويقول ذلك كثير منهم في علي ويزعمون أن الأيمة ينسخون الشرائع ويهبط عليهم الملائكة وتظهر عليهم الأعلام والمعجزات ويوحى إليهم‏.‏

ومنهم من يسلم على السحاب ويقول إذا مرت سحابة به أن علياً رضوان الله عليه فيها وفيهم يقول بعض الشعراء‏:‏

برئت من الخوارج لست منهم ** من الغزال منهم وابن باب

ومن قوم إذا ذكروا علياً ** يردون السلام على السحاب

  والصنف الثاني من الأصناف الثلاثة التي ذكرنا بأن الشيعة يجمعها ثلاثة أصناف وهم الرافضة

وإنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر وهم مجمعون على أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على استخلاف علي بن أبي طالب باسمه وأظهر ذلك وأعلنه وأن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأن الإمامة لا تكون إلا بنص وتوقيف وأنها قرابة وأنه جائز للإمام في حال التقية أن يقول أنه ليس بإمام وأبطلوا جميعاً الاجتهاد في الأحكام وزعموا أن الإمام لا يكون إلا أفضل الناس وزعموا أن علياً رضوان الله عليه كان مصيباً في جميع أحواله وأنه لم يخطئ في شيء من أمور الدين إلا الكاملية أصحاب أبي كامل فإنهم أكفروا الناس بترك الاقتداء به وأكفروا علياً بترك الطلب وأنكروا الخروج على أيمة الجور وقالوا‏:‏ ليس يجوز ذلك دون الإمام المنصوص على إمامته وهم سوى الكاملية أربع وعشرون فرقة وهم يدعون الإمامية لقولهم بالنص على إمامة علي بن أبي طالب‏.‏

فالفرقة الأولى منهم وهم القطعية وإنما سموا قطعية لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي وهم جمهور الشيعة يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة علي بن أبي طالب واستخلفه بعده بعينه واسمه وأن علياً نص على إمامة ابنه الحسن بن علي وأن الحسن بن علي نص على إمامة أخيه الحسين بن علي وأن الحسين بن علي نص على إمامة ابنه علي بن الحسين وأن علي بن الحسين نص على إمامة ابنه محمد بن علي وأن محمد بن علي نص على إمامة ابنه جعفر بن محمد وأن جعفر بن محمد نص على إمامة ابنه موسى بن جعفر وأن موسى بن جعفر نص على إمامة ابنه علي بن موسى وأن علي بن موسى نص على إمامة ابنه محمد بن علي بن موسى وأن محمد بن علي نص على إمامة ابنه علي بن محمد بن علي بن موسى وأن علي بن محمد بن علي بن موسى نص على إمامة ابنه الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى وهو الذي كان بسامرا وأن الحسن بن علي نص على إمامة ابنه محمد بن الحسن بن علي وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون أنه يظهر فيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً‏.‏

والفرقة الثانية منهم وهم الكيسانية وهي إحدى عشرة فرقة وإنما سموا كيسانية لأن المختار الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي ودعا إلى محمد بن الحنفية كان يقال له كيسان ويقال إنه مولى لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه‏.‏

والفرقة الأولى من الكيسانية وهي الثانية من الرافضة يزعمون أن علي بن أبي طالب نص على إمامة ابنه محمد بن الحنفية لأنه دفع إليه الراية بالبصرة‏.‏

والفرقة الثالثة من الرافضة وهي الثانية من الكيسانية يزعمون أن علي بن أبي طالب نص على إمامة ابنه الحسن بن علي وأن الحسن بن علي نص على إمامة أخيه الحسين بن علي وأن الحسين

والفرقة الرابعة من الرافضة وهي الثالثة من الكيسانية وهي الكربية أصحاب أبي كرب الضرير يزعمون أن محمد بن الحنفية حي بجبال رضوى أسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه وزعموا أن السبب الذي من أجله صبر على هذا الحال أن يكون مغيباً عن الخلق أن لله تعالى فيه تدبيراً لا يعلمه غيره ومن القائلين بهذا القول كثير الشاعر وفي ذلك يقول‏:‏

ألا إن الأيمة من قريش ** ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه ** هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبر ** وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى ** يقود الخيل يقدمها اللواء

تغيب لا يرى فيهم زماناً ** برضوى عنده عسل وماء

والفرقة الخامسة من الرافضة وهي الرابعة من الكيسانية يزعمون أن محمد بن الحنفية إنما جعل بجبال رضوى عقوبة لركونه إلى عبد الملك بن مران وبيعته إياه‏.‏

والفرقة السادسة من الرافضة وهي الخامسة من الكيسانية يزعمون أن محمد بن الحنفية مات وأن الإمام بعده ابنه أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية‏.‏

والفرقة الثامنة من الرافضة وهي السابعة من الكيسانية يزعمون أن الإمام بعد أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ابن أخيه الحسن بن محمد بن الحنفية وأن أبا هاشم أوصى إليه ثم أوصى الحسن إلى ابنه علي بن الحسن وهلك علي ولم يعقب فهم ينتظرون رجعة محمد بن الحنفية ويقولون أنه يرجع ويملك فهم اليوم في التيه لا إمام لهم إلى أن يرجع إليهم محمد بن الحنفية في زعمهم‏.‏

والفرقة التاسعة من الرافضة وهي الثامنة من الكيسانية يزعمون أن الإمام بعد أبي هاشم محمد بن علي بن عبد الله بن العباس قالوا‏:‏ وذلك أن أبا هاشم مات بأرض الشراة منصرفه من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وأوصى محمد بن علي إلى ابنه إبراهيم بن محمد ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض ثم رجع بعض هؤلاء عن هذا القول وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على العباس بن عبد المطلب ونصبه إماماً ثم نص العباس على إمامة ابنه عبد الله ونص عبد الله على إمامة ابنه علي بن عبد الله ثم ساقوا الإمامة إلى أن انتهوا بها إلى أبي جعفر المنصور وهؤلاء هم الراوندية وافترقت هذه الفرقة في أمر أبي مسلم على مقالتين‏:‏ فزعمت فرقة منهم تدعى الرزامية أصحاب رجل يقال له رزام أن أبا مسلم قتل وقالت فرقة أخرى يقال لها والفرقة العاشرة من الرافضة وهي الحربية أصحاب عبد الله بن عمرو بن حرب وهي التاسعة من الكيسانية يزعمون أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية نصب عبد الله بن عمرو بن حرب إماماً وتحولت روح أبي هاشم فيه ثم وقفوا على كذب عبد الله بن عمرو بن حرب فصاروا إلى المدينة يلتمسون إماماً فلقوا عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فدعاهم إلى أن يأتموا به فاستجابوا له ودانوا بإمامته وادعوا له الوصية وافترقوا في أمر عبد الله بم معاوية ثلاث فرق‏:‏ فزعمت فرقة منهم أنه قد مات وزعمت فرقة منهم أخرى أنه بجبال أصبهان وأنه لم يمت ولا يموت حتى يقود بنواصي الخيل إلى رجال من بني هاشم وزعمت فرقة أخرى أنه حي بجبال أصبهان لم يمت ولا يموت حتى يلي أمور الناس وهو المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

والصنف الحادي عشر من الرافضة وهي البيانية أصحاب بيان بن سمعان التميمي وهو الصنف العاشر من الكيسانية يزعمون أن أبا هاشم أوصى إلى بيان بن سمعان التميمي وأنه لم يكن له أن يوصي بها إلى عقبه‏.‏

والصنف الثاني عشر من الرافضة وهو الحادي عشر من الكيسانية يزعمون أن الإمام بعد أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب‏.‏

والصنف الثالث عشر من الرافضة وهم الذين يسوقون النص من النبي صلى الله عليه وسلم على إمامة علي حتى ينتهوا بها إلى علي بن الحسين وهم المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد يزعمون أن الإمام بعد علي بن الحسين ابنه محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر وأن أبا جعفر أوصى إلى المغيرة بن سعيد فهم يأتمون به إلى أن يخرج المهدي والمهدي فيما زعموا هو محمد بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم وزعموا أنه حي مقيم بجبال ناحية الحاجر وأنه لا يزال مقيماً هناك إلى أوان خروجه وإذا قلنا عن صنف أنهم يسوقون الإمامة إلى علي بن الحسين فإنما نعني الذين يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة علي وأن علياً نص على إمامة الحسن وأن الحسن نص على إمامة الحسين وأن الحسين نص على إمامة علي بن الحسين‏.‏

والصنف الرابع عشر من الرافضة يسوقون الإمامة من علي بن أبي طالب حتى ينتهوا بها إلى علي بن الحسين ثم يزعمون أن الإمام بعد علي بن الحسين أبو جعفر محمد بن علي وأن الإمام بعد أبي جعفر محمد بن عبد الله بن الحسن الخارج بالمدينة وزعموا أنه المهدي وأنكروا إمامة المغيرة بن سعد‏.‏

والصنف الخامس عشر من الرافضة يسوقون الإمامة من علي حتى ينتهوا بها إلى علي بن الحسين ويزعمون أن علي بن الحسين نص على إمامة أبي جعفر محمد بن علي وأن أبا جعفر محمد بن علي أوصى إلى أبي منصور ثم اختلفوا فرقتين‏:‏ فرقة يقال لها الحسينية يزعمون أن أبا منصور أوصى إلى ابنه الحسين بن أبي منصور وهو الإمام بعده وفرقة أخرى يقال لها المحمدية مالت إلى تثبيت أمر محمد بن عبد الله بن الحسن وإلى القول بإمامته وقالوا‏:‏ إنما أوصى أبو جعفر إلى أبي منصور دون بني هاشم كما أوصى موسى صلى الله عليه إلى يوشع بن نون دون ولده ودون ولد هارون ثم إن الأمر بعد أبي منصور راجع إلى ولد علي كما رجع الأمر بعد يوشع بن نون إلى ولد هارون قالوا‏:‏ وإنما أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع بن نون دون ولده ودون ولد هارون لئلا يكون بين البطنين اختلاف فيكون يوشع هو الذي يدل على صاحب الأمر فكذلك أبو جعفر أوصى إلى أبي منصور وزعموا أن أبا منصور قال‏:‏ إنما أنا مستودع وليس لي أن أضعها في غيري ولكن القائم هو محمد بن عبد الله‏.‏

والصنف السادس عشر من الرافضة يسوقون الإمامة إلى أبي جعفر محمد بن علي وأن أبا جعفر نص على إمامة جعفر بن محمد وأن جعفر بن محمد حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر أمره وهو القائم المهدي وهذه الفرقة تسمى الناوسية لقبوا برئيس لهم يقال له عجلان بن ناوس من أهل البصرة‏.‏

والصنف السابع عشر من الرافضة يزعمون أن جعفر بن محمد مات وأن الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل وأنكروا أن يكون إسماعيل مات في حياة أبيه وقالوا‏:‏ لا يموت حتى يملك لأن أباه قد كان يخبر أنه وصيه والإمام بعده‏.‏

والصنف الثامن عشر من الرافضة وهم القرامطة يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بن أبي طالب وأن علياً نص على إمامة ابنه الحسن وأن الحسن بن علي نص على إمامة أخيه الحسين بن علي وأن الحسين بن علي نص على إمامة ابنه علي بن الحسين وأن علي بن الحسين نص على إمامة ابنه محمد بن علي ونص محمد بن علي على إمامة ابنه جعفر ونص جعفر على إمامة ابن ابنه محمد بن إسماعيل وزعموا أن محمد بن إسماعيل حي إلى اليوم لم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض وأنه هو المهدي الذي تقدمت البشارة به واحتجوا في ذلك بأخبار رووها عن أسلافهم يخبرون فيها أن سابع الأئمة قائمهم‏.‏

والصنف التاسع عشر من الرافضة يسوقون الإمامة من علي بن أبي طالب على سبيل ما حكينا عن القرامطة حتى ينتهوا بها إلى جعفر بن محمد ويزعمون أن جعفر بن محمد جعلها لإسماعيل ابنه دون سائر ولده فلما مات إسماعيل في حياة أبيه صارت في ابنه محمد بن إسماعيل وهذا الصنف يدعون المباركية نسبوا إلى رئيس لهم يقال له المبارك وزعموا أن محمد بن والصنف العشرون من الرافضة يسوقون الإمامة من علي على ما حكينا عمن تقدمهم حتى ينتهوا بها إلى جعفر بن محمد ويزعمون أن الإمام بعد جعفر محمد بن جعفر ثم هي في ولده من بعده وهم السميطية نسبوا إلى رئيس لهم يقال له يحيى بن أبي سميط‏.‏

والصنف الحادي والعشرون من الرافضة يسوقون الإمامة من علي إلى جعفر بن محمد على ما حكينا عمن تقدم شرحنا لقوله آنفاً ويزعمون أن الإمام بعد جعفر ابنه عبد الله بن جعفر وكان أكبر من خلف من ولده وهي في ولده وأصحاب هذه المقالة يدعون العمارية نسبوا إلى رئيس لهم يعرف بعمار ويدعون الفطحية لأن عبد الله بن جعفر كان أفطح الرجلين وأهل هذه المقالة يرجعون إلى عدد كثير‏.‏

فأما زرارة فإن جماعة من العمارية تدعي أنه كان على مقالتها وأنه لم يرجع عنها وزعم بعضهم أنه رجع عن ذلك حين سأل عبد الله بن جعفر عن مسائل لم يجد عنده جوابها وصار إلى الائتمام بموسى بن جعفر بن محمد وأصحاب زرارة يدعون الزرارية ويدعون التميمية‏.‏

والصنف الثاني والعشرون من الرافضة يسوقون الإمامة حتى ينتهوا بها إلى جعفر بن محمد ويزعمون أن جعفر بن محمد نص على إمامة ابنه موسى بن جعفر وأن موسى بن جعفر حي لم يمت ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها حتى يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً وهذا الصنف يدعون الواقفة لأنهم وقفوا على موسى بن جعفر ولم يجاوزوه إلى غيره وبعض مخالفي هذه الفرقة يدعوهم الممطورة وذلك أن رجلاً منهم ناظر يونس بن عبد الرحمن ويونس من القطعية الذين قطعوا على موت موسى بن جعفر فقال له يونس‏:‏ أنتم أهون علي من الكلاب الممطورة فلزمهم هذا النبز‏.‏

والقائلون بإمامة موسى بن جعفر يدعون الموسائية لقولهم بإمامة موسى بن جعفر ويدعون المفضلية لأنهم نسبوا إلى رئيس لهم يقال له المفضل بن عمر وكان ذا قدر فيهم وفرقة من الموسائية وقفوا في أمر موسى بن جعفر فقالوا‏:‏ لا ندري أمات أم لم يمت إلا أنا مقيمون على إمامته حتى يضح لنا أمر غيره وإن وضحت لنا إمامة غيره كما وضحت لنا إمامته قلنا بذلك وأنقدنا له‏.‏

وقد ذكرنا قول القطعية الذين قطعوا على موت موسى بن جعفر في أول ذكرنا لأقاويل الرافضة وشرحنا ذلك وتبيناه‏.‏

والصنف الثالث والعشرون من الرافضة يسوقون الإمامة من علي إلى موسى بن جعفر كما حكينا من قول المتقدمين غير أنهم يقولون أن موسى بن جعفر نص على إمامة ابنه أحمد بن موسى بن جعفر‏.‏

والصنف الرابع والعشرون من الرافضة يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي وأن علياً نص على الحسن بن علي ثم انتهت الإمامة إلى محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر كما حكينا عن أول فرقة من الرافضة ويزعمون أن محمد بن الحسن بعده إمام هو القائم الذي يظهر فيملأ الدنيا عدلاً ويقمع الظلم والأولون قالوا أن محمد بن الحسن هو القائم الذي يظهر فيملأ الدنيا عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً‏.‏

واختلفت الروافض القائلون بإمامة محمد بن علي بن موسى بن جعفر لتقارب سنه ضرباً من الاختلاف آخر وذلك أن أباه توفي وهو ابن ثماني سنين - وقال بعضهم‏:‏ بل توفي وله أربع سنين - هل كان في تلك الحال إماماً واجب الطاعة على مقالتين‏:‏ فزعم بعضهم أنه كان في تلك الحال إماماً واجب الطاعة عالماً بما يعلمه الأيمة من الأحكام وجميع أمور الدنيا يجب الائتمام والاقتداء به كما وجب الائتمام والاقتداء بسائر الأيمة من قبله‏.‏

وزعم بعضهم أنه كان في تلك الحال إماماً على معنى أن الأمر كان فيه وله دون الناس وعلى أنه لا يصلح لذلك الموضع في ذلك الوقت أحد غيره وأما أن يكون اجتمع فيه في تلك الحال ما اجتمع في غيره من الأيمة المتقدمين فلا وزعموا أنه لم يكن يجوز في تلك الحال أن يؤمهم ولكن الذي يتولى الصلاة لهم وينفذ أحكامهم في ذلك الوقت غيره من أهل الفقه والدين والصلاح إلى أن تم الكلام في الغلاة والإمامية‏.‏

واختلفت الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم وهم ست فرق‏:‏ فالفرقة الأولى الهشامية أصحاب هشام بن الحكم الرافضي يزعمون أن معبودهم جسم وله نهاية وحد طويل عريض عميق طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه لا يوفي بعضه على بعض ولم يعينوا طولاً غير الطويل وإنما قالوا‏:‏ طوله مثل عرضه على المجاز دون التحقيق وزعموا أنه نور ساطع له قدر من الأقدار في مكان دون مكان كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ذو لون وطعم ورائحة ومجسة لونه هو طعمه وطعمه هو رائحته ورائحته هي مجسته وهو نفسه لون ولم يعينوا لوناً ولا طعماً هو غيره وزعموا أنه هو اللون وهو الطعم وأنه قد كان لا في مكان ثم حدث المكان بأن تحرك البارئ فحدث المكان بحركته فكان فيه وزعم أن المكان هو العرش وذكر أبو الهذيل في بعض كتبه أن هشام بن الحكم قال له‏:‏ أن ربه جسم ذاهب جاء فيتحرك تارة ويسكن أخرى ويقعد مرة ويقوم أخرى وأنه طويل عريض عميق لأن ما لم يكن كذلك دخل في حد التلاشي قال فقلت له‏:‏ فأيما أعظم إلهك أم هذا الجبل وأومأت إلى أبي قبيس قال‏:‏ فقال‏:‏ هذا الجبل يوفي عليه أي هو أعظم منه وذكر أيضاً ابن الراوندي أن هشام بن الحكم كان يقول‏:‏ أن بين إلهه وبين الأجسام المشاهدة تشابهاً من جهة من الجهات لولا ذلك ما دلت عليه وحكي عنه خلاف هذا أنه كان يقول أن جسم ذو أبعاض لا يشبهها ولا تشبهه وحكى الجاحظ عن هشام بن الحكم في بعض كتبه أنه كان يزعم أن الله جل وعز إنما يعلم ما تحت الثرى بالشعاع المتصل منه الذاهب في عمق الأرض ولولا ملابسته لما وراء ما هناك لما دري ما هناك وزعم أن بعضه يشوب وهو شعاعه وأن الشوب محال على بعضه ولو زعم هشام أن الله تعالى يعلم ما تحت الثرى بغير اتصال ولا خبر ولا قياس كان قد ترك تعلقه بالمشاهدة وقال بالحق‏.‏

وذكر عن هشام انه قال في ربه في عام واحد خمسة أقاويل زعم مرة انه كالبلورة وزعم مرة انه كالسبيكة وزعم مرة انه بشبر نفسه سبعة أشبار ثم رجع عن ذلك وقال‏:‏ هو جسم لا كالأجسام وزعم الوراق أن بعض أصحاب هشام أجابه مرة إلى أن الله عز وجل على العرش مماس له وأنه لا يفضل عن العرش ولا يفضل العرش عنه‏.‏

والفرقة الثانية من الرافضة يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام وإنما يذهبون في قولهم أنه جسم إلى أنه موجود ولا يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة ويزعمون أن الله عز وجل على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف‏.‏

والفرقة الثالثة من الرافضة الهشامية أصحاب هشام بن سالم الجواليقي يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان وينكرون أن يكون لحماً ودماً ويقولون هو نور ساطع يتلألأ بياضاً وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان له يد ورجل وأنف وأذن وعين وفم وأنه يسمع بغير ما يبصر به وكذلك سائر حواسه متغايرة عندهم وحكى أبو عيسى الوراق أن هشام بن سالم كان يزعم أن لربه وفرة سوداء وأن ذلك نور أسود‏.‏

والفرقة الخامسة من الرافضة يزعمون أن رب العالمين ضياء خالص ونور بحت وهو كالمصباح الذي من حيث ما جئته يلقاك بأمر واحد وليس بذي صورة ولا أعضاء ولا اختلاف في الأجزاء وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان أو على صورة شيء من الحيوان‏.‏

والفرقة السادسة من الرافضة يزعمون أن ربهم ليس بجسم ولا بصورة ولا يشبه الأشياء ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج وهؤلاء قوم من متأخريهم فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه‏.‏

واختلفت الرافضة في حملة العرش هل يحملون العرش أم يحملون البارئ عز وجل وهم فرقتان‏:‏ فرقة يقال لها اليونسية أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين يزعمون أن الحملة يحملون البارئ واحتج يونس في أن الحملة تطيق حمله وشبههم بالكركي وأن رجليه تحملانه وهما دقيقتان وقالت فرقة أخرى أن الحملة تحمل العرش والبارئ يستحيل أن يكون محمولاً‏.‏

واختلفت الروافض هل يوصف البارئ بالقدرة على أن يظلم أم لا‏:‏ فأبى ذلك قوم وأجازه آخرون‏.‏

واختلفت الروافض في القول أن الله سبحانه عالم حي قادر سميع بصير إله وهم تسع فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم الزرارية أصحاب زرارة بن أعين الرافضي يزعمون أن الله لم يزل غير سميع ولا عليم ولا بصير حتى خلق ذلك لنفسه وهم يسمون التيمية ورئيسهم زرارة بن أعين‏.‏

والفرقة الثانية منهم السيابية أصحاب عبد الرحمن بن سيابة يقفون في هذه المعاني ويزعمون أن القول فيها ما يقول جعفر كائناً قوله ما كان ولا يصوبون في هذه الأشياء قولاً‏.‏

والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن الله عز وجل لا يوصف بأنه لم يزل إلهاً قادراً ولا سميعاً بصيراً حتى يحدث الأشياء لأن الأشياء التي كانت قبل أن تكون ليست بشيء ولن يجوز أن يوصف بالقدرة لا على شيء وبالعلم لا بشيء وكل الروافض إلا شرذمة قليلة يزعمون أنه يريد الشيء ثم يبدو له فيه‏.‏

والفرقة الرابعة من الروافض يزعمون أن الله لم يزل لا حياً ثم صار حياً‏.‏

والفرقة الخامسة من الروافض وهم أصحاب شيطان الطاق يزعمون أن الله عالم في نفسه ليس بجاهل ولكنه إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها فأما قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها لا لأنه ليس بعالم ولكن الشيء لا يكون شيئاً حتى يقدره ويثبته بالتقدير والتقدير عندهم الإرادة‏.‏

والفرقة السادسة من الرافضة أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أنه محال أن يكون الله لم يزل عالماً بالأشياء بنفسه وأنه إنما يعلم الأشياء بعد أن لم يكن بها عالماً وأنه يعلمها بعلم وأن العلم صفة له ليست هي هو ولا غيره ولا بعضه فيجوز أن يقال العلم محدث أو قديم لأنه صفة والصفة لا توصف قال‏:‏ ولو كان لم يزل عالماً لكانت المعلومات لم تزل لأنه لا يصح عالم إلا بمعلوم موجود قال‏:‏ ولو كان عالماً بما يفعله لم يصح المحنة والاختبار‏.‏

وقال هشام في سائر صفات الله عز وجل كقدرته وحياته وسمعه وبصره وإرادته أنها صفات لله لا هي الله ولا غير الله وقد اختلف عنه في القدرة والحياة فمن الناس من يحكي عنه أنه كان يزعم أن البارئ لم يزل حياً قادراً ومنهم من ينكر أن يكون قال ذلك‏.‏

والفرقة السابعة من الرافضة لا يزعمون أن البارئ عالم في نفسه كما قال شيطان الطاق ولكنهم يزعمون أن الله عز وجل لا يعلم الشيء حتى يؤثر أثره والتأثير عندهم الإرادة فإذا أراد الشيء علمه وإذا لم يرده لم يعلمه ومعنى أراد عندهم أنه تحرك حركة هي إرادة فإذا تحرك علم الشيء وإلا لم يجز الوصف له بأنه عالم به وزعموا أنه لا يوصف بالعلم بما لا يكون‏.‏

والفرقة الثامنة من الرافضة يقولون أن معنى أن الله يعلم أنه يفعل فإن قيل لهم‏:‏ أتقولون أن الله لم يزل عالماً بنفسه اختلفوا فمنهم من يقول‏:‏ لم يزل لا يعلم بنفسه حتى فعل العلم لأنه قد كان ولما يفعل ومنهم من يقول‏:‏ لم يزل يعلم بنفسه فإن قيل لهم‏:‏ فلم يزل يفعل قالوا‏:‏ نعم ولا نقول بقدم الفعل‏.‏

ومن الرافضة من يزعم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون إلا أعمال العباد فإنه لا يعلمها إلا في حال كونها‏.‏

والفرقة التاسعة من الرافضة يزعمون أن الله لم يزل عالماً حياً قادراً ويميلون إلى نفي التشبيه ولا يقولون بحدث العلم ولا بما حكيناه من التجسيم وسائر ما أخبرنا به من التشبيه عنهم‏.‏

وافترقت الرافضة هل البارىء يجوز أن يبدو له إذا أراد شيئاً أم لا على ثلاث مقالات‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يقولون أن الله تبدو له البداوات وأنه يريد أن يفعل الشيء في وقت من الأوقات ثم لا يحدثه لما يحدث له من البداء وأنه إذا أمر بشريعة ثم نسخها فإنما ذلك لأنه بدا له فيها وأن ما علم أنه يكون ولم يطلع عليه أحداً من خلقه فجائز عليه البداء فيه وما اطلع عليه عباده فلا يجوز عليه البداء فيه‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أنه جائز على الله البداء فيما علم أنه يكون حتى لا يكون وجوزوا والفرقة الثالثة منهم يزعمون أنه لا يجوز على الله عز وجل البداء وينفون ذلك عنه تعالى‏.‏

واختلفت الروافض في القرآن وهم فرقتان‏:‏

فالفرقة الأولى منهم هشام بن الحكم وأصحابه يزعمون أن القرآن لا خالق ولا مخلوق وزاد بعض من يخبر على المقالات في الحكاية عن هشام فزعم أنه كان يقول‏:‏ لا خالق ولا مخلوق ولا يقال أيضاً غير مخلوق لأنه صفة والصفة لا توصف وحكى زرقان عن هشام بن الحكم أنه قال‏:‏ القرآن على ضربين‏:‏ إن كنت تريد المسموع فقد خلق الله عز وجل الصوت المقطع وهو رسم القرآن فأما القرآن فهو فعل الله مثل العلم والحركة لا هو هو ولا غيره‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أنه مخلوق محدث لم يكن ثم كان كما تزعم المعتزلة والخوارج وهؤلاء قوم من المتأخرين منهم‏.‏

واختلفت الرافضة في أعمال العباد هل هي مخلوقة وهم ثلاث فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم وهو هشام بن الحكم يزعمون أن أعمال العباد مخلوقة لله وحكى جعفر بن حرب عن هشام بن الحكم أنه كان يقول أن أفعال الإنسان اختيار له من وجه اضطرار من وجه اختار من جهة أنه أرادها واكتسبها واضطرار من جهة أنها لا تكون منه إلا عند حدوث السبب المهيج لها‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أنه لا جبر كما قال الجهمي ولا تفويض كما قالت المعتزلة لأن الرواية عن الأيمة زعموا جاءت بذلك ولم يتكلفوا أن يقولوا في أعمال العباد هل هي مخلوقة أم لا شيئاً‏.‏

والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن أعمال العباد غير مخلوقة لله وهذا قول قوم يقولون بالاعتزال والإمامة‏.‏

واختلفت الروافض في إرادة الله سبحانه وهم أربع فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم أصحاب هشام بن الحكم وهشام الجواليقي يزعمون أن إرادة الله عز وجل حركة وهي معنى لا هي الله ولا هي غيره وأنها صفة لله ليست غيره وذلك أنهم يزعمون أن الله إذا أراد الشيء تحرك فكان ما أراد تعالى عن ذلك‏.‏

والفرقة الثانية منهم أبو مالك الحضرمي وعلي بن ميثم ومن تابعهما يزعمون أن إرادة الله غيره وهي حركة لله كما قال هشام إلا أن هؤلاء خالفوه فزعموا أن الإرادة حركة وأنها غير الله بها يتحرك‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم القائلون بالاعتزال والإمامة يزعمون أن إرادة الله ليست بحركة فمنهم من أثبتها غير المراد فيقول أنها مخلوقة لله لا بإرادة ومنهم من يقول‏:‏ إرادة الله سبحانه لتكوين الشيء هو الشيء وإرادته لأفعال العباد هي أمره إياهم بالفعل وهي غير فعلهم وهم يأبون أن والفرقة الرابعة منهم يقولون‏:‏ لا نقول قبل الفعل إن الله أراده فإذا فعلت الطاعة قلنا أرادها وإذا فعلت المعصية فهو كاره لها غير محب لها‏.‏

واختلفت الروافض في الاستطاعة وهم أربع فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أن الاستطاعة خمسة أشياء الصحة وتخلية الشؤون والمدة في الوقت والآلة التي بها يكون الفعل كاليد التي يكون بها اللطم والفأس التي تكون بها النجارة والإبرة التي تكون بها الخياطة وما أشبه ذلك من الآلات والسبب الوارد المهيج الذي من أجله يكون الفعل فإذا اجتمعت هذه الأشياء كان الفعل واقعاً فمن الاستطاعة ما هو قبل الفعل موجود ومنها ما لا يوجد إلا في حال الفعل وهو السبب وزعم أن الفعل لا يكون إلا بالسبب الحادث فإذا وجد ذلك السبب وأحدثه الله كان الفعل لا محالة وأن الموجب للفعل هو السبب وما سوى ذلك من الاستطاعة لا يوجبه‏.‏

والفرقة الثانية منهم زرارة بن أعين وعبيد بن زرارة ومحمد بن حكيم وعبد الله بن بكير وهشام بن سالم الجواليقي وحميد بن رباح وشيطان الطاق يزعمون أن الاستطاعة قبل الفعل وهي الصحة وبها يستطيع المستطيع فكل صحيح مستطيع وكان شيطان الطاق يقول‏:‏ لا يكون الفعل إلا أن يشاء الله‏.‏

وحكي عن هشام بن سالم أن الاستطاعة جسم وهي بعض المستطيع ومن الرافضة من يقول‏:‏ الاستطاعة كل ما لا ينال الفعل إلا به وذلك كله قبل الفعل والقائل بهذا هشام بن حرول‏.‏

والفرقة الثالثة منهم أصحاب أبي مالك الحضرمي يزعمون أن الإنسان مستطيع للفعل في حال الفعل وأنه يستطيعه لا باستطاعة في غيره وحكى زرقان عنه أنه كان يزعم أن الاستطاعة قبل الفعل للفعل ولتركه‏.‏

والفرقة الرابعة منهم يزعمون أن الإنسان إن كان قادراً بآلات وجد فهو قادر من وجه وغير قادر من وجه‏.‏

واختلفت الروافض في أفعال الناس والحيوان هل هي أشياء أم ليست أشياء وهل هي أجسام أم لا وهم ثلاث فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم الهشامية أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أن الأفعال صفات للفاعلين ليست هي هم ولا غيرهم وأنها ليست بأجسام ولا أشياء وحكي عنه أنه قال‏:‏ هي معان وليست بأشياء ولا أجسام وكذلك قوله في صفات الأجسام كالحركات والسكنات والإرادات والكراهات والكلام والطاعة والمعصية والكفر والإيمان فأما الألوان والطعوم والأراييح فكان يزعم أنها أجسام وأن لون الشيء هو طعمه وهو رائحته وحكى زرقان عنه أنه قال‏:‏ الحركة والفرقة الثانية منهم يزعمون أن حركات العباد وأفعالهم وسكناتهم أشياء وهي أجسام وأنه لا شيء إلا الأجسام وأن العباد يفعلون الأجسام وهذا قول الجواليقية وشيطان الطاق‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم القائلون بالاعتزال والإمامة يقولون في ذلك كأقاويل المعتزلة ويختلفون فيه كاختلافهم فمنهم قوم يزعمون أن أفعال الإنسان وسائر الحيوان أعراض وكذلك قولهم في الألوان والطعوم والأراييح والأصوات وسائر صفات الأجسام وسنذكر اختلاف المعتزلة في ذلك عند ذكرنا أقاويل المعتزلة فلهذه العلة لم نستقص أقاويل المعتزلة في هذا الموضع من كتابنا إذ كنا إنما نحكي في هذا الموضع أقاويل الشيع دون غيرهم‏.‏

واختلفت الروافض فيما يتولد عن فعل الإنسان هل هو فعله وهل يحدث الفاعل فعلاً في غيره أو لا يحدث الفعل إلا في نفسه وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الفاعل لا يفعل في غيره فعلاً ولا يفعل إلا في نفسه ولا يثبتون الإنسان فاعلاً لما يتولد عن فعله كالألم المتولد عن الضربة واللذة التي تحدث عند الأكل وسائر المتولدات‏.‏

والفرقة الثانية منهم وهم القائلون بالاعتزال والنص على علي بن أبي طالب يزعمون أن الفاعل منا ما يحدث الفعل في غيره وأن ما يتولد عن فعله كالألم المتولد عن الضربة والصوت المتولد عن واختلفت الروافض في رجعة الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الأموات يرجعون إلى الدنيا قبل يوم الحساب وهذا قول الأكثر منهم وزعموا أنه لم يكن في بني إسرائيل شيء إلا ويكون في هذه الأمة مثله وأن الله سبحانه قد أحي قوماً من بني إسرائيل بعد الموت فكذلك يحيي الأموات في هذه الأمة ويردهم إلى الدنيا قبل يوم القيامة‏.‏

والفرقة الثانية منهم وهم أهل الغلو ينكرون القيامة والآخرة ويقولون‏:‏ ليس قيامة ولا آخرة وإنما هي أرواح تتناسخ في الصور فمن كان محسناً جوزي بأن ينقل روحه إلى جسد لا يلحقه فيه ضرر ولا ألم ومن كان مسيئاً جوزي بأن ينقل روحه إلى أجساد يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم وليس شيء غير ذلك وأن الدنيا لا تزال أبداً هكذا‏.‏

واختلفت الروافض في القرآن هل زيد فيه أو نقص منه وهم ثلاث فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن القرآن قد نقص منه وأما الزيادة فذلك غير جائز أن يكون قد كان وكذلك لا يجوز أن يكون قد غير منه شيء عما كان عليه فأما ذهاب كثير منه فقد ذهب كثير منه والإمام يحيط علماً به‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم القائلون بالاعتزال والإمامة يزعمون أن القرآن ما نقص منه ولا زيد فيه واختلفت الروافض في الأيمة هل يجوز أن يكونوا أفضل من الأنبياء أم لا يجوز ذلك وهم ثلاث فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الأيمة لا يكونون أفضل من الأنبياء بل الأنبياء أفضل منهم غير أن بعض هؤلاء جوزوا أن يكون الأيمة أفضل من الملائكة‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن الأيمة أفضل من الأنبياء والملائكة وأنه لا يكون أحد أفضل من الأيمة وهذا قول طوائف منهم‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم القائلون بالاعتزال والإمامة يزعمون أن الملائكة والأنبياء أفضل من الأيمة ولا يجوز أن يكون الأيمة أفضل من الأنبياء والملائكة‏.‏

واختلفت الروافض في الرسول عليه السلام هل يجوز عليه أن يعصي أم لا وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم جائز عليه أن يعصي الله وأن النبي قد عصى الله في أخذ الفداء يوم بدر فأما الأيمة فلا يجوز ذلك عليهم لأن الرسول إذا عصى فالوحي يأتيه من قبل الله والأيمة لا يوحى إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم وهم معصومون فلا يجوز عليهم أن يسهوا ولا يغلطوا وإن جاز على الرسول العصيان والقائل بهذا القول هشام بن الحكم‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أنه لا يجوز على الرسول عليه السلام أن يعصي الله عز وجل ولا يجوز ذلك على الأيمة لأنهم جميعاً حجج الله وهم معصومون من الزلل ولو جاز عليهم السهو واعتماد المعاصي وركوبها لكانوا قد ساووا المأمومين في جواز ذلك عليهم كما جاز على المأمومين ولم يكن المأمومون أحوج إلى الأيمة من الأيمة لو كان ذلك جائزاً عليهم جميعاً‏.‏

واختلفت الروافض في الأيمة هل يسع جهلهم وهل الواجب عرفانهم فقط أم الواجب عرفانهم والقيام بالشرائع التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أربع فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن معرفة الأيمة واجبة وأن القيام بالشرائع التي جاء بها الرسول واجب وأن من جهل الإمام فمات مات ميتة جاهلية‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن معرفة الإمام إذا أدركها الإنسان لم تلزمه شريعة ولم تجب عليه فريضة وإنما على الناس أن يعرفوا الأيمة فقط فإذا عرفوهم فلا شيء عليهم‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم اليعفورية يزعمون أنه قد يسع جهل الأيمة وهم بذلك لا مؤمنون ولا كافرون‏.‏

والفرقة الرابعة منهم يقولون في القدر بقول المعتزلة أن المعارف ضرورة ويفارقون اليعفورية في جهل الأيمة ولا يستحلون الخصومة في الدين واليعفورية أيضاً لا تستحلها‏.‏

فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الإمام يعلم كل ما كان وكل ما يكون ولا يخرج شيء عن علمه من أمر الدين ولا من أمر الدنيا وزعم هؤلاء أن الرسول كان كاتباً ويعرف الكتابة وسائر اللغات‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن الإمام يعلم كل أمور الأحكام والشريعة وإن لم يحط بكل شيء علماً لأنه القيم بالشرائع والحافظ لها ولما يحتاج الناس إليه فأما ما لا يحتاجون إليه فقد يجوز أن لا يعلمه الإمام‏.‏

واختلفت الروافض في الأيمة هل يجوز أن تظهر عليهم الأعلام أم لا وهم أربع فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الأيمة تظهر عليهم الأعلام والمعجزات كما تظهر على الرسل لأنهم حجج الله سبحانه كما أن الرسل حجج الله ولم يجيزوا هبوط الملائكة بالوحي عليهم‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن الأعلام تظهر عليهم وتهبط الملائكة بالوحي عليهم ولا يجوز أن ينسخوا الشرائع ولا يبدلوها ولا يغيروها‏.‏

والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن الأعلام تظهر عليهم وتهبط الملائكة بالوحي عليهم ويجوز أن ينسخوا الشرائع ويبدلوها ويغيروها‏.‏

والفرقة الرابعة منهم يزعمون أن الأعلام لا تظهر إلا على الرسل وكذلك الملائكة لا تهبط إلا عليهم بالوحي ولا يجوز أن ينسخ الله سبحانه شريعتنا على ألسنتهم بل إنما يحفظون شرائع الرسل ويقومون بها‏.‏

واختلفت الروافض في النظر والقياس وهم ثماني فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم وهم جمهورهم يزعمون أن المعارف كلها اضطرار وأن الخلق جميعاً مضطرون وأن النظر والقياس لا يؤديان إلى علم وما تعبد الله العباد بهما‏.‏

والفرقة الثانية منهم وهم أصحاب شيطان الطاق يزعمون أن المعارف كلها اضطرار وقد يجوز أن يمنعها الله سبحانه بعض الخلق فإذا منعها بعض الخلق وأعطاها بعضهم كلفهم الإقرار مع منعه إياهم المعرفة‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم أصحاب أبي مالك الحضرمي يزعمون أن المعارف كلها اضطرار وقد يجوز أن يمنعها الله بعض الخلق فإذا منعها الله بعض الخلق وأعطاها بعضهم كلفهم الإقرار مع منعه إياهم المعرفة‏.‏

والفرقة الرابعة منهم أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أن المعرفة كلها اضطرار بإيجاب الخلقة وأنها لا تقع إلا بعد النظر والاستدلال يعنون بما لا يقع منها إلا بعد النظر والاستدلال العلم بالله عز وجل‏.‏

والفرقة الخامسة منهم يزعمون أن المعارف ليس كلها اضطراراً والمعرفة بالله يجوز أن تكون كسباً ويجوز أن تكون اضطراراً وإن كانت كسباً أو كانت اضطراراً فليس يجوز الأمر بها على وجه من الوجوه وهذا قول الحسن بن موسى‏.‏

والفرقة السادسة منهم يزعمون أن النظر والقياس يؤديان إلى العلم بالله وأن العقل حجة إذا جاءت الرسل فأما قبل مجيئهم فليست العقول دلالة ما لم يكن سنة بينة واعتلوا بقول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ‏"‏‏.‏

والفرقة السابعة منهم يقولون بتصحيح النظر والقياس وأنهما يؤديان إلى العلم وأن العقول حجة في التوحيد قبل مجيء الرسل وبعد مجيئهم‏.‏

والفرقة الثامنة منهم يزعمون أن العقول لا تدل على شيء قبل مجيء الرسل ولا بعد مجيئهم وأنه لا يعلم شيء من الدين ولا يلزم فرض إلا بقول الرسل والأيمة وأن الإمام هو الحجة بعد الرسول عليه السلام لا حجة على الخلق غيره‏.‏

وقالت الروافض بأجمعها بنفي اجتهاد الرأي في الأحكام وإنكاره‏.‏

واختلفت الروافض في الناسخ والمنسوخ هل يقع ذلك في الإخبار أم لا وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن النسخ قد يجوز أن يقع في الإخبار فيخبر الله سبحانه أن شيئاً والفرقة الثانية منهم يزعمون أنه لا يجوز وقوع النسخ في الإخبار وأن يخبر اتلله سبحانه أن شيئاً يكون ثم لا يكون لأن ذلك يوجب التكذيب في أحد الخبرين‏.‏

واختلفت الروافض في الإيمان ما هو وفي الأسماء وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم وهم جمهور الرافضة يزعمون أن الإيمان هو الإقرار بالله وبرسوله وبالإمام وبجميع ما جاء من عندهم فأما المعرفة بذلك فضرورة عندهم فإذا أقر وعرف فهو مؤمن مسلم وإذا أقر ولم يعرف فهو مسلم وليس بمؤمن‏.‏

والفرقة الثانية منهم وهم قوم من متأخريهم من أهل زماننا هذا يزعمون أن الإيمان جميع الطاعات وأن الكفر جميع المعاصي ويثبتون الوعيد ويزعمون أن المتأولين الذين خالفوا الحق بتأويلهم كفار وهذا قول ابن جبرويه‏.‏

والفرقة الثالثة منهم أصحاب علي بن ميثم يزعمون أن الإيمان اسم للمعرفة والإقرار ولسائر الطاعات فمن جاء بذلك كله كان مستكمل الإيمان ومن ترك شيئاً مما افترض الله عليه غير جاهد له فليس بمؤمن ولكن يسمى فاسقاً وهو من أهل الملة تحل مناكحته وموارثته ولا يكفرون المتأولين‏.‏

  واختلفت الروافض في الوعيد

وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يثبتون الوعيد على مخالفيهم ويقولون أنهم يعذبون ولا يقولون بإثبات الوعيد فيمن قال بقولهم ويزعمون أن الله سبحانه يدخلهم الجنة وإن أخلهم النار أخرجهم منها ورووا في ذلك عن أيمتهم أن ما كان بين الله وبين الشيعة من المعاصي سألوا الله فيهم فصفح عنهم وما كان بين الشيعة وبين الأيمة تجاوزوا عنه وما كان بين الشيعة وبين الناس من المظالم شفعوا لهم إليهم حتى يصفحوا عنهم‏.‏

والفرقة الثانية منهم يذهبون إلى إثبات الوعيد وأن الله عز وجل يعذب كل مرتكب الكبائر من أهل مقالتهم كان أو من غير أهل مقالتهم ويخلدهم في النار‏.‏

واختلفت الروافض في خلق الشيء أهو الشيء أم غيره وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أن خلق الشيء صفة للشيء لا هو الشيء ولا هو غيره لأنه صفة للشيء والصفة لا توصف وكذلك زعموا أن البقاء صفة للباقي لا هي هو ولا غيره وكذلك الفناء صفة للفاني لا هي هو ولا هي غيره‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن الخلق هو المخلوق وأن الباقي يبقى لا ببقاء وأن الفاني يفنى لا بفناء‏.‏

واختلفت الروافض في عذاب الأطفال في الآخرة وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الأطفال جائز أن يعذبهم الله وجائز أن يعفو عنهم كل ذلك له أن يفعله‏.‏

والفريق الثاني وهم أصحاب هشام بن الحكم فيما حكى زرقان عنه - فإن لم يكن هشام بن الحكم قاله فممن يقوله اليوم كثير - يزعمون أنه لا يجوز أن يعذب الله سبحانه الأطفال بل هم في الجنة‏.‏

واختلفت الروافض في ألم الأطفال في الدنيا وهم ثلاث فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الأطفال يألمون في الدنيا وأن إيلامهم فعل الله بإيجاب الخلقة لأن الله خلقهم خلقة يألمون إذا قطعوا أو ضربوا‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن الأطفال يألمون في الدنيا وأن الألم الذي يحل فيهم فعل الله لا بإيجاب الخلقة ولكن باختراع ذلك فيهم وكذلك قولهم في سائر المتولدات كالصوت الحادث عند الاصطكاك وذهاب الحجر الحادث عند دفعتنا للحجر وما أشبه ذلك‏.‏

والفرقة الثالثة منهم وهم القائلون بالإمامة والاعتزال يزعمون أن الآلام التي تحل في الأطفال منها ما هو فعل الله ومنها ما هو فعل لغيره وإن ما يفعله من الألم فإنما يفعله اختراعاً لا لسبب يوجبه‏.‏

وأجمعت الروافض على تصويب علي رضوان الله عليه في حربه من حارب وتخطئة من حارب واختلفت الروافض في محارب علي وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يقولون بإكفار من حارب علياً وتضليله ويشهدون بذلك على طلحة والزبير ومعاوية بن أبي سفيان وكذلك يقولون فيمن ترك الائتمام به بعد الرسول عليه السلام‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن من حارب علياً فاسق ليس بكافر إلا أن يكون حارب علياً عناداً للرسول صلى الله عليه وسلم ورداً عليه فهم كفار وكذلك يقولون في ترك الائتمام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب بعده أنهم إن كانوا تركوا الائتمام به عناداً للرسول ورداً عليه فهم كفار وإن كانوا تركوا ذلك لا على طريق العناد والتكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم والرد عليه فسقوا ولم يكفروا‏.‏

  واختلفت الروافض في التحكيم

وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن علياً إنما حكم للتقية وأنه مصيب في تحكيمه للتقية وأن التقية تسعه إذا خاف على نفسه واعتلوا في ذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في تقية في أول الإسلام يكتم الدين‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن التحكيم صواب على أي وجه فعله على التقية أو على غير التقية‏.‏

وأجمعت الروافض على إبطال الخروج وإنكار السيف ولو قتلت حتى يظهر لها الإمام وحتى يأمرها بذلك واعتلت في ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يأمره الله عز وجل بالقتال كان محرماً على أصحابه أن يقاتلوا‏.‏

وأجمعوا على أنه لا يجوز الصلاة خلف الفاسقين وإنما يصلون خلف الفاسقين تقية ثم يعيدون صلاتهم‏.‏

  واختلفت الروافض في سباء نساء مخالفيهم وأخذ أموالهم إذا أمكنهم

ذلك وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يستحلون ذلك ويستحبونه ويستحلون سائر المحظورات ويتأولون قول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ‏"‏‏.‏

والفرقة الثانية منهم يحرمون سباء نساء مخالفيهم وأخذ أموالهم بغير حق ولا يبيحون المحظورات ولا يستحلونها‏.‏

  واختلفوا في الجزء الذي لا يتجزأ

وهم فرقتان‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الجزء يتجزأ أبداً ولا جزء إلا وله جزء وليس لذلك آخر إلا من جهة المساحة وأن لمساحة الجسم آخراً وليس لأجزائه آخر من باب التجزؤ والقائل بهذا القول هشام بن الحكم وغيره من الروافض‏.‏

والفرقة الثانية منهم يقولون أن لأجزاء الجسم غاية من باب التجزؤ وله أجزاء معدودة لها كل وجميع ولو رفع البارئ كل اجتماع في الجسم لبقيت أجزاؤه لا اجتماع فيها ولا يحتمل كل جزء منها التجزؤ‏.‏

  واختلفت الروافض في الجسم ما هو وهم

ثلاث فرق‏:‏ والفرقة الأولى منهم يزعمون أن الجسم هو الطويل العريض العميق ولا يكون شيء موجود إلا ما كان جسماً طويلاً عريضاً عميقاً وأنكروا الأعراض وزعموا أن معنى الجسم الطويل العريض العميق أنه شيء موجود وأن البارئ لما كان شيئاً موجوداً كان جسماً‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن حقيقة الجسم أنه مؤلف مركب مجتمع وأن البارئ عز وجل لما لم يكن مؤتلفاً مجتمعاً لم يكن جسماً‏.‏

والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن حقيقة الجسم أنه يحتمل الأعراض وأن أقل قليل الأجسام جزء لا يتجزأ وأن البارئ لما لم يحتمل الأعراض لم يكن جسماً‏.‏

والفرقة الأولى منهم الهشامية وهم فيما حكى زرقان عن هشام يقولون بالمداخلة ويثبتون كون الجسمين اللطيفين في مكان واحد كالحرارة واللون ولست أحقق ما حكى زرقان من ذلك كما حكاه‏.‏

والفرقة الثانية منهم ينكرون المداخلة ويحيلون كون جسمين في مكان واحد ويزعمون أن الجسمين يتجاوران ويتماسان فإما أن يتداخلا حتى يكون حيزهما واحداً فذلك محال‏.‏

واختلفت الروافض في الإنسان ما هو وهم أربع فرق‏:‏ فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الإنسان اسم لمعنيين لبدن وروح فالبدن موات والروح هي الفاعلة الدراكة الحساسة وهي نور من الأنوار هكذا حكى زرقان عن هشام بن الحكم‏.‏

والفرقة الثانية منهم يزعمون أن الإنسان جزء لا يتجزأ ويحيلون أن يكون الإنسان أكثر من جزء لأنه لو كان أكثر من جزء لجاز أن يحل في أحد الجزأين إيمان وفي الآخر كفر فيكون مؤمناً وكافراً في حال واحد وذلك محال‏.‏

وقد ذهب من أهل زماننا قوم من النظامية الذين يزعمون أن الإنسان هو الروح إلى قول الروافض وذهب أيضاً قوم ممن يميل إلى قول أبي الهذيل إن الإنسان هو هذا الجسم المريء إلى القول بالإمامة والرفض‏.‏

فالفرقة الأولى منهم أصحاب هشام بن الحكم فيما حكاه زرقان يقولون أن الجسم يكون في مكان ثم يصير إلى المكان الثالث من غير أن يمر بالثاني والفرقة الثانية منهم ينكرون ذلك ويحيلون أن يكون الجسم في مكان ثم يصير إلى مكان ثالث من غير أن يمر بالمكان الثاني‏.‏

وهذه حكاية مذاهب لهشام في أشياء من لطيف الكلام‏:‏ كان هشام يقول أن الجن مأمورون ومنهيون لأنه قال‏:‏ ‏"‏ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم ‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏ فبأي آلاء ربكما تكذبان ‏"‏ وكان يقول في وسواس الشيطان أن الله سبحانه يقول‏:‏ ‏"‏ الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ‏"‏ قال‏:‏ فعلمنا أنه يوسوس وليس يدخل أبدان الناس ولكن قد يجوز أن يكون الله سبحانه قد جعل الجو أداة للشيطان يصل بها إلى القلب من غير أن يدخل فيه قال‏:‏ ويعلم ما يحدث في القلب وليس ذلك بغيب لأن الله سبحانه قد جعل عليه دليلاً مثل ذلك أن يشير الرجل إلى الرجل أن أقبل أو أدبر فيعلم ما يريد فكذلك إذا فعل الإنسان فعلاً يريد شيئاً من البر عرف الشيطان ذلك بالدليل فينهى الإنسان عنه‏.‏

وقال هشام في الملائكة أنهم مأمورون منهيون لقول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ‏"‏‏.‏

وكان هشام يقول في الزلازل أن الله سبحانه خلق الأرض من طبائع مختلفة يمسك بعضها بعضاً فإذا ضعفت طبيعة منها غلبت الأخرى فكانت الزلزلة وإن ضعفت أشد من ذلك كان الخسف‏.‏

وكان يقول في السحر أنه خديعة ومخاريق ولا يجوز أن يقلب الساحر إنساناً حماراً أو العصا حية وحكى عنه زرقان أنه كان يجيز المشي على الماء لغير نبي ولا يجوز أن تظهر الأعلام على غير نبي وكان يقول في المطر‏:‏ جائز أن يكون ماءً يصعده الله ثم يمطره على الناس وجائز أن يكون الله يخترعه في الجو ثم يمطره وكان يزعم أن الجو جسم رقيق‏.‏

ورجال الرافضة ومؤلفو كتبهم‏:‏ هشام بن الحكم وهو قطعي وعلي بن منصور ويونس بن عبد الرحمن القمي والسكاك وأبو الأحوص داود بن راشد البصري ومن رواة الحديث‏:‏ الفضل بن شاذان والحسين بن إشكيب والحسين بن سعيد وقد انتحلهم أبو عيسى الوراق وابن الراوندي وألفا لهم كتباً في الإمامة‏.‏

والتشيع غالب على أهل قم وبلاد إدريس بن إدريس وهي طنجة وما والاها والكوفة‏.‏

وحكى سليمن بن جرير الزيدي أن فرقة من الإمامية تزعم أن الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب يصنع بالإمامة ما أحب إن شاء جعلها لنفسه وإن ولاها غيره كان ذلك جايزاً إن كان ذلك عدلاً وله في ذلك النيابة إذا نفى والتسليم إن شاء ورضي وأن فرقة أخرى قالت أن الدين كله في يدي علي بن أبي طالب وأنه يسند إليه وأوجبوا قطع الشهادة على سريرته وأن الإمامة بعده في جماعة أهل البيت غير أنهم خالفوا الفرقة الأولى في شيئين‏:‏ أحدهما أنهم يزعمون أن علياً تولى أبا بكر وعمر على الصحة وسلم بيعتهما والآخر أنهم لا يثبتون العصمة لجماعة أهل البيت كما يثبت أولئك ولكنهم يرجون ذلك لهم وأن يصيروا جميعاً إلى ثواب الله ورحمته‏.‏